عاقبت محكمة جنايات القاهرة غيابياً أمس، وزير الإعلام في عهد الرئيس السابق محمد مرسي القيادي في «الإخوان المسلمين» صلاح عبدالمقصود ورئيس قطاع الهندسة الإذاعية في اتحاد الإذاعة والتلفزيون عمرو عبدالغفار الخفيف، بالسجن المشدد 10 سنوات لكل منهما، لإدانتهما بـ «الإضرار بالمال العام بما قيمته 48 مليون جنيه»، جراء سماحهما بتواجد سيارات البث الفضائي المباشر التابعة للتلفزيون الرسمي في محيط اعتصام أنصار مرسي في منطقة رابعة العدوية «على نحو تسبب في الاستيلاء عليها وإتلافها من قبل معتصمين».
وتضمن الحكم تغريم عبدالمقصود والخفيف متضامنين 3.5 مليون دولار، وإلزامهما برد مبلغ مماثل، وإحالة الدعوى المدنية على المحكمة المدنية المختصة للنظر والفصل فيها. وكانت النيابة العامة أحالت المتهمين على المحاكمة الجنائية، بعدما أسندت إليهما «ارتكاب جرائم العدوان على المال العام بتربيح الغير منافع من أعمال وظيفتهما من دون وجه حق، والإضرار عمداً بأموال ومصالح جهة عملهما ضرراً جسيماً».
إلى ذلك، أرجأت محكمة جنايات القاهرة إلى الأحد المقبل إعادة محاكمة الناشط البارز علاء عبدالفتاح و24 آخرين بتهمة التظاهر من دون تصريح، في ما عرف إعلامياً بـ «أحداث مجلس الشورى». وجاء قرار الإرجاء لاستكمال الاستماع إلى شهود النفي.
وكانت المحكمة استمعت أمس إلى الضابط في إدارة مباحث القاهرة العقيد محمد حامد، الذي قال في شهادته إن معلوماته في شأن الواقعة موضوع القضية تتمثل في أن «وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام تداولت معلومات عن دعوات لحركات شبابية إلى تنظيم تظاهرات أمام مجلس الشورى حيث مقر انعقاد لجنة الخمسين لوضع الدستور، وأن المتظاهرين تواجدوا في فترة ما بعد الظهيرة، ورددوا عبارات وشعارات مناهضة للقوات المسلحة والشرطة».
وأضاف أن «الشرطة أعملت صحيح حكم القانون، وأعطت المتظاهرين إنذارات شفهية بضرورة المغادرة، غير أنهم استمروا في التظاهر والتصعيد من وتيرة الهتافات، فتم ضبط مجموعة منهم واتُّخذت في حقهم الإجراءات القانونية وتم عرضهم على النيابة العامة». وأوضح أنه كان متواجداً في موقع الأحداث منذ الثالثة والنصف عصراً، وأن عمله كان يتمثل في «حفظ الأمن»، وأن عدد المتظاهرين كان يتراوح بين 300 و400 متظاهر «سبوا وقذفوا رجال الشرطة مستخدمين عبارات من نوعية: حرام عليكم يا كفرة، وربنا ينتقم منكم، علاوة على شتائم وألفاظ نابية وجهت إلى الشرطة من قبل المتظاهرين».
وقال إن «تواجد المتظاهرين كان مخالفاً لأحكام قانون التظاهر، وإنهم صعّدوا من تصرفاتهم بتعديهم بالقول على رجال الشرطة والقوات المسلحة وقطع الطريق». وأكد أن «المتظاهرين لم يستصدروا الموافقة المسبقة التي أوجبها القانون بغية التظاهر». ولفت إلى أنه لم يشاهد أي واقعة لرشق المتظاهرين الشرطة بالحجارة أثناء التظاهرة، مشيراً إلى أن «تلك الواقعة ربما تكون قد وقعت أثناء عملية فض التظاهرة وإلقاء القبض على المتظاهرين».
وذكر أن «الشرطة أعطت إنذارات شفوية متكررة للمتظاهرين تطالبهم بفض تجمعهم والانصراف، وأعقب ذلك استخدام الشرطة المياه في تفريق المتظاهرين وفض تجمعهم، ثم إلقاء القبض عليهم وهم في داخل مسرح الجريمة، في وقت فر متظاهرون آخرون ولم يتسن إلقاء القبض عليهم».
وأكد أن عبدالفتاح كان من ضمن المتظاهرين، وأنه كان يفصل بينهما «عرض شارع واحد»، مشيراً إلى أنه سمع بواقعة الاعتداء على المقدم عماد طاحون لكنه لم يشاهدها بنفسه، لأنه كان مسؤولاً عن مكان آخر. وقال رداً على أسئلة هيئة الدفاع إنه يعلم هوية عبدالفتاح من كثرة مشاركته في التظاهرات، وإنه لم تقع في حقه أو أي من أفراد القوات التابعة له اعتداءات من قبل المتظاهرين أثناء فض التظاهرة.
وقدم ممثل النيابة العامة تقريراً من شركة التليفون المحمول رداً على طلب الدفاع تحركات الضابط الذي يتهم عبدالفتاح بالاعتداء عليه، يفيد بأن الشركة لا يمكنها التعقب «نظراً إلى مرور وقت طويل على الفترة المراد الاستعلام عنها».
واستمعت المحكمة إلى شاهد النفي الأول رئيس الحزب «المصري الديموقراطي الاجتماعي» عضو لجنة الخمسين لوضع الدستور محمد أبو الغار، الذي قال إن اللجنة وردت إليها طلبات من بعض المواطنين لمناقشة الإلغاء الكلي لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وحضر عدد منهم المناقشات بوجود رئيس اللجنة عمرو موسى.
وأشار إلى أنه «خلال فترة إعداد الدستور كانت تحضر مجموعات نظمت وقفات احتجاجية أمام مجلس الشورى، وشارك عدد منهم في النقاشات في شأن المواد التي كانت تثير خلافاً». وأوضح أنه «في يوم حدوث الوقائع موضوع القضية، كانت هناك جلسة عامة للجنة، وعلمت من نائب رئيس الحزب عضو لجنة الخمسين هدى الصدة، بوجود مجموعة من الشباب والفتيات الذين شاركوا في الاجتماعات السابقة مع أعضاء لجنة الخمسين أمام مقر مجلس الشورى، وأن الشرطة تتعامل معهم بقسوة».
وأضاف أن موسى «علّق الجلسة وأجرى مكالمة هاتفية هامة، ثم ذهبت صوب البوابة العمومية لمجلس الشورى، وسألت حينها عما جرى، فعلمت من 3 من رجال الشرطة المكلفين بتأمين المجلس، أن مجموعة من الشباب كانوا يقفون أمام البوابة، وأن الشرطة اعتدت عليهم بالضرب وعاملتهم بقسوة، وتم القبض على عدد منهم وترحيلهم، وأن شارع قصر العيني كان مفتوحاً طوال الوقت ولم يغلق».
واستمعت المحكمة إلى الصدة، التي قالت إن اللجنة استضافت «ممثلين عن النقابات ومؤسسات الدولة المختلفة أثناء انعقاد جلساتها، لإبداء الرأي في مواد الدستور ومناقشتها»، وأن «بين تلك المجموعات مجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين، لإبداء الرأي ومناقشتها في مسألة محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وظل التواصل مستمراً بين تلك المجموعة وأعضاء اللجنة».
وقالت إن «الشباب المقبوض عليهم هدفهم كان المصلحة العامة للبلاد»، مشيرة إلى أنها رأت المتظاهرين عقب القبض عليهم واحتجازهم في أحد المباني الملاصقة لمجلس الشورى، لكنها لم تر التظاهرة أو واقعة التعدي المزعومة، وأنها علمت بالأزمة في الرابعة والنصف عصراً حين اتصل بها أحد أصدقائها وأبلغها بواقعة التعدي بالضرب على المتظاهرين الذين حضروا إلى مجلس الشورى ذلك اليوم لتنظيم الوقفة وتوصيل صوتهم إلى لجنة الخمسين.
واستمعت المحكمة لشهادة عضو لجنة الخمسين عمرو صلاح الذي شهد بأنه لم يحدث من المتهمين أي سلوك مخالف، مشيراً إلى أنه عند مشاهدته المتظاهرين عقب إلقاء القبض عليهم، وجد ملابسهم ممزقة ولم يشاهد عبدالفتاح في محيط مجلس الشورى أو داخل مبنى احتجاز المتظاهرين التابع لوزارة النقل والمجاور للمجلس.
وذكرت الإعلامية جميلة إسماعيل في شهادتها أمام المحكمة، أنها كانت أحد الأطراف الداعية إلى التظاهرة موضوع القضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، وأنها كانت «وقفة سلمية تماماً تعبيراً عن الرفض لمادة المحاكمات العسكرية المقترحة». وأشارت إلى أنه قبل وصولها إلى موقع الأحداث، لاحظت أن الطرق مغلقة وأن قوات الأمن تحاصر المنطقة برمتها، مشيرة إلى أن المتهمين «أناس سلميون ولا علاقة لهم باستخدام العنف مطلقاً».
إرسال تعليق