كشف برنامج «أجندة» السويدي أن تركيز «داعش » يجري الآن على كسب وإشراك أكبر عدد من المسلمات المقيمات في الدول الأوروبية وتشجيعهن على السفر إلى سورية والعراق. وأوضح أن السويد من بين تلك الدول التي تشهد تزايداً ملحوظاً في عدد الفتيات المجندات لدى التنظيم واللواتي يذهبن منها إلى مناطق ملتهبة في الشرق الأوسط. وأشار أحد المسؤولين في جهاز الشرطة السرية السويدية للبرنامج التلفزيوني إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الفتيات المشاركات في القتال إلى جانب المنظمات الإرهابية من المناطق المكتظة بالمهاجرين في استوكهولم.
فبعد عرض ريبورتاج تلفزيوني مفصل عن ظاهرة انضمام الفتيات إلى «داعش» تظهر فيه والدة إحداهن وهي تتساءل بحيرة: «لا أعرف كيف يفكر أولادي وماذا يدور في رأسهم؟»، يجري البرنامج مقابلة مع المستشارة الاجتماعية لشؤون العائلة في منطقة رنكبي سونيا شريفاي التي أشارت إلى زيادة القلق عند العائلات التي تغادر منها شابات إلى سورية والعراق لأنه وفي معظم الحالات تسافر الفتاة من دون إخبار أهلها بوجهتها ما يزيد من قلقهم وحيرتهم. «يعبر كثر من الأهالي لي عن خوفهم ورعبهم من فكرة اختفاء بناتهم فجأة ومن دون مقدمات بخاصة وأن بعضهن صغير السن ما يضيف شعوراً بالذنب عند الأهل ولو كنت أنا في مكانهم لشعرت بالشعور ذاته».
الجهات السويدية المعنية بالأمر تشعر بالعجز من فهم الظاهرة الخطيرة، ولهذا تتوجه إلى المنظمات الأجنبية ذات الصلة المباشرة بالمهاجرين ومن بينهم أئمة الجوامع الذين يعوّل عليهم في تقليص هذا النشاط. وتلعب بعض المساجد كما يظهر في التقرير دوراً جيداً في الحد من التحاق الفتيات، ومع هذا لا يخفي إبراهيم بورالي من «الجمعية الإسلامية في رنكبي» قلقه من الظاهرة ويعتقد بأنه ومن خلال التعليم الصحيح والموجه إلى الشباب وأهاليهم يمكن الحد من سفر المسلمات إلى العراق وسورية».
القيادية في الحزب الاشتراكي الديموقراطي والمشرفة على برنامح «الحد من العنف والتطرف» منى سالين قالت بصراحة أثناء حضورها البرنامج إن هناك «حظراً» قوياً على موضوع انضمام الفتيات إلى «داعش» لحساسيته الشديدة ولجهل المؤسسات السويدية بالمسألة وطرق التعامل معها». واعترفت بأن «الصورة غامضة» والأسباب غير معروفة ومختلفة، فبعض الفتيات ينزل للقتال وبعضهن الآخر للزواج وقسم منهن يرافق الأزواج الذاهبين إلى هناك». وأشارت إلى مسألة قضية الخوف من انتشار خبر ذهاب فتاة ما إلى مناطق القتال الذي يحرص الأهل على إحاطته بالسرية «ولكن الشيء الحسن الآن أن الحديث لا يجري عن وجوده من عدمه بل يتعلق بالتفكير والعمل على معالجته». وحذرت من معاقبة المجتمع للمسلمين ودعت إلى التعاون معهم في قضية تخص المجتمع السويدي كله.
وجّه البرنامج السؤال التالي إلى المشاركين فيه: «هل تذهب الفتيات المسلمات بإرادتهن؟». الإجابة كانت متباينة لكنّ بعضها كشف عن وجود عوامل اجتماعية تدفع الفتيات لمغادرة بيوتهن من بينها ضغوطات عائلية وبعضها بدوافع الزواج بطرق غير قانونية. ولهذا دعت غالبية المشاركين للنظر إلى المشكلة ليس من زاوية الخروقات القانونية واعتبار تلك الزيجات ضمن خانة «الانتفاع المادي» غير الشرعي بل المساعدة في إعادة الفتيات إلى البلاد.
يكشف أحد مسؤولي الشرطة السرية السويدية للبرنامج الإجراءات المتخذة للحد من التحاق الفتيات بـ «داعش» الذي أخذت نسبته بالارتفاع أخيراً وفق الإحصائيات التي قدمها ومنها نشاطات غير المسلمين كما في الحالة الأوكرانية مثلاً، مشدداً على «أهمية العمل «الاستباقي» من خلال تحمل السياسيين لدورهم في التقرب من المهاجرين ومعالجة مشكلاتهم بعد أن تركوها طويلاً».
أجرى البرنامج مسحاً لخريطة المشكلة فعرض أساليب المنظمات الإرهابية في كسب الفتيات وغسل أدمغتهن بدعاية مركزة ومؤثرة لدرجة اعترفت فيها المسؤولة السويدية بوجود مجموعة من الشباب من أصول مسلمة شديدة الإيمان بأيديولوجية المنظمات المتشددة. كما أن الأمر لم يعد محصوراً بالأشخاص المهمشين وقليلي التعليم لأن بين الذاهبين إلى «داعش» من يتمتع بمستوى دراسي وأكاديمي جيد. واعترفت بوجود حواجز بين المؤسسات السويدية والمهاجرين وبخاصة المتشددين منهم ما يتطلب عملاً مثابراً لكسر تلك الحواجز. ولهذا وضحت في البرنامج عمل مركز المساعدة القومي الحديث التكوين ودوره للَجم انتشار الأفكار المتشددة في السويد بكل أشكالها وإيقاف سياسة التخويف من الإسلام والمسلمين التي تزيد الفوارق بينهم وبين المجتمع.
إرسال تعليق