في دلالة شديدة الوضوح على تنامي الخلافات وتفاقمها، بل ووصولها لمرحلة "اللاعودة" بين عددٍ من قادة التيارات السلفية الجهادية في الأردن، وتنظيم "الدولة"، شن الأخير هجوماً عنيفاً على منظر التيار السلفي الجهادي عصام البرقاوي "أبو محمد المقدسي"، والقيادي في التيار الجهادي محمد الشلبي المعروف بـ"أبو سياف" ووصفهما بالكذب على التنظيم الذي أعلن الخلافة الإسلامية في العراق والشام.
تأكيد الوساطة والمفاوضات
وكانت مجلة "دابق" التابعة لتنظيم "الدولة"، قد أكدت أن منظر السلفية الجهادية "أبو محمد المقدسي" كان ممثل الأردن في المفاوضات حول الطيار معاذ الكساسبة، وكان المقدسي وصف قيادات تنظيم "الدولة" بالكذب والخداع، وأن "السلفية الجهادية والإسلام براء منهم".
المجلة نفسها وصفت "أبو سياف" بأنه من "الحزبيين الجهلاء" و"الكذاب الأشر"، مستهجنة وصفه لـ"الطريقة التي أُعدِم بها الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وإخراج شريط مصور بعدها يصور هذا الإعدام" بأنه "ينافي تعاليم الدين الحنيف".
قوم أفاكون
أبو سياف نفى، في تصريحٍ خاص لـ "الخليج أونلاين"، ما أوردته المجلة الناطقة باسم تنظيم "الدولة"، وقال: "ما ذكرته المجلة حول ادعائي بعلاقتي بالمفاوضات للإفراج عن الكساسبة "كلام عارٍ عن الصحة".
وقال: "ما يتحدث عنه قادة تنظيم "داعش" يدل دلالة صريحة على أنهم "قوم أفاكون"، مستدعياً تصريحاته السابقة، وموقفه من تنظيم "الدولة" بأن منهج السلف "بريء منهم"، على حد وصفه.
المجلة تابعت هجومها على "الشلبي" التي قالت إنه قام بـ"تلفيق القصص حول المفاوضات الخاصة بالسجناء، بادعائه أنه كان طرفاً فيها"، مشيرة إلى أن ممثل الأردن في تلك المفاوضات كان عصام البرقاوي "أبو محمد المقدسي".
المقدسي يندد
المقدسي كشف في حوار مع قناة "رؤيا" الأردنية عن إجرائه اتصالات مع قيادات تنظيم "الدولة"، للإفراج عن السجينة العراقية ساجدة الريشاوي مقابل الكساسبة، وقال: "كنت أظن أن لديهم حرقة على أختهم وتحقيق هذه المصلحة الشرعية، لكن للأسف البعض لم يهتم بالأمر، حتى إن أحد الذين تحدثت معهم كان يكذب، ويحلف أيماناً مغلظة أنهم صادقون معي، وتبين أنه كذاب".
وأضاف: "أنا صُدمت أن أحدهم راسلني، وظل يقول لي شيخي وشيخي.. ويكذب علي، حيث تبين أنهم قتلوا الطيار، رغم أنه حلف يميناً أنه جاد".
وندد المقدسي بكيفية إعدام الطيار الكساسبة حرقاً، مبيناً أن ذلك محرم في الشريعة الإسلامية، وقال: "هؤلاء سنّوا عدة سنن سيئة كثيرة أولها الذبح، حتى ظن الناس أن الذبح سنة نبوية، وذبحوا أناساً كثيرين من المجاهدين في سوريا".
تهم بالعمالة
التهجم على المقدسي تضمن تهماً بالعمالة للمخابرات الأردنية والأمريكية، وتحدثت المجلة عن تطور المقدسي في مواقفه "من مثبط عن الجهاد وداعية إلى القعود، إلى محارب لمشروع الخلافة الإسلامية".
وكانت الأجهزة الأمنية الأردنية قد أفرجت عن المقدسي في 5 فبراير/ شباط الجاري، بعد أشهر على اعتقاله على خلفية تصريحات بثها على موقع "منبر الجهاد والتوحيد"، يصف فيها غارات التحالف الدولي على تنظيم "الدولة الإسلامية"، بأنها "حرب صليبية"، ويصف فيها الجيوش العربية المشاركة في التحالف بـ "الجيوش المرتدة".
رسائل أردنية
مراقبون وسياسيون تحدثوا لـ "الخليج أونلاين"، أن الأسباب الحقيقية التي دفعت الأردن للإفراج عن المقدسي كان أبرزها استثمار عمان لشخصيات من التيار السلفي الجهادي الذين يرفضون فكر تنظيم "الدولة" ولهم مكانتهم لدى التيار الجهادي أمثال المقدسي وأبو قتادة.
بالإضافة إلى أن الإفراج عن المقدسي، جاء نتيجة جهوده بالمفاوضات مع تنظيم "الدولة" من داخل زنزانته لإطلاق سراح الطيار معاذ الكساسبة، ومبادلته مع السجينة ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي، لكنه لم يستطع لعدم استجابة التنظيم له.
إرسال تعليق