0

ناجي لطيف العسكري / رئيس التحرير

لعبت السلطة الرابعة ادوار أساسية في تغيير خارطة العالم السياسي والاجتماعية والثقافي ، حاربت الجمود الفكري وأحدثت الوئام بين مكونات المجتمع الواحد وتقريب الأفكار واللحمة إنسانيه ، وكانت المؤسسة الاجتماعية السياسية التي تقدم للمتلقي رصيد من الثقافة والمعلومة وسلاح الإنسان البسيط في وجه أقوى الإمبراطوريات والدكتاتوريات ، وقد نجحت في تحقيق ما سعت أليه ، وكان من أعظم انجازات السلطة الرابعة ، الثورة الفرنسية 1789م حيث كانت المنشورات هي المحفز والتيار النابض في المجتمع الفرنسي الذي رفض الطبقية وأعلن دستور جديد يضمن فيه حقوق الشعب الفرنسي ، ولكن هذه المرة سوف نجري بحث بسيط يبين أعظم واهم الأخطاء التي وقعت فيه السلطة الرابعة عن غير قصد ، وكانت هذه الأخطاء مطبعية قد اكتسبت شهرتها لشهرة صاحب الخبر أو وقع الخطى في المتلقي أو لتحويل المديح إلى ذم ، اللغة العربية من أقسى واشد اللغات في العالم وتغير حرف أو حركة يعني تغير معنى جملة كاملة وبالتالي تغير المعنى المقصود ،  ومن هذه الأخطاء المشهورة في الصحف المصرية :-

1- قام احد المحررين في نقل حادثة مرورية تسببت في سقوط جندي من فوق دراجته البخارية « انقلاب عسكري في مدينة » وهو ما فهم على أنه انقلاب على السلطة قام به العسكريون.

2- ما حدث عندما نشرت إحدى المجلات المصرية الكبرى موضوعا بعنوان «مجلس الوزراء يقرر تحجيم الأسعار» لكن العنوان نشر هكذا «مجلس الوزراء يقرر جحيم الأسعار». ومن الأخطاء الطريفة ما يرويه الكاتب الكبير الساخر أحمد رجب حيث أجرت معه إحدى الصحف حديثا مطولا، ونشرته مرفقا بصورة زعيم المافيا الشهير «جياكومو منجوزي»، وتداركت الجريدة الخطأ في العدد التالي معتذرة، ونشرت صورة أحمد رجب لكن أسفلها هذه المرة اسم «جياكومو منجوزي».

3 - قد نشرت إحدى الجرائد أعلانا للترويج لها جاء فيه أنها «أوسخ الصحف انتشارا» والصحيح أنها «أوسع» الصحف، لكن الخطأ المطبعي آثر أن يبدل العين بالخاء. ونشرت جريدة الأهرام في العهد الملكي في باب التشريفات خبرا يقول ))استقبل جلالة الملك فؤاد ضيوفه في قصره العاهر (( والصحيح «قصره العامر».

4-  أحيانا يفقد المحرر العبارة الصحيحة في التعبير عن حدث أو تصوير الخبر فقد كتبت إحدى المحررات تصف تصادم قطارين «كان التصادم قويا لدرجة أن القضبان تكسرت والعربات أصبحت سبعات ثمانيات» تقصد انقلبت رأسا على عقب .

5- الكاتب الراحل أنطوان الجميل رئيس تحرير جريدة الأهرام في بدايات القرن الماضي وصل إليه نعي أحد الأشخاص لينشر في صفحة الوفيات، لكن يبدو أن النعي وصله متأخرا، فكتب أنطوان لعمال الجمع أسفل النعي «ينشر إن كان له مكان»، أي ينشر إذا كان هناك مكان في صفحة الوفيات، لكن النعي ظهر في صفحة الوفيات في اليوم التالي هكذا «فلان الفلاني... أسكنه الله فسيح جناته إن كان له مكان».

6-ولم يسلم الرؤساء ولا الوزراء من الأخطاء المطبعية، بالرغم من علو قدرهم، والاعتناء الشديد بمراجعة أخبارهم، والتدقيق الشديد فيها، فقد نشرت إحدى الجرائد المصرية خبرا في نهاية السبعينات عن وزيرة الشؤون الاجتماعية كان نصه «حكمت أبو زيد تتبول في كفر الشيخ» والصحيح «تتجول»، لكن الخطأ المطبعي حول الجيم إلى باء، أيضا نشرت جريدة الأهرام خبرا كان يبغي المدح لكن الخطأ حوله إلى الذم، وكان نص الخبر «الأهرام تثني على عمة الشيخ الخضري الكبيرة»، والصحيح «همة الشيخ» وهو ما أثار ثائرته، الطريف في الأمر أن الشيخ الخضري كانت يملك «عمة» كبيرة بالفعل، وخبر ثالث كان يقول «عورة وزير الأوقاف» والصحيح هو «عودة».

7 - ولم يسلم الرئيس المصري أنور السادات من الأخطاء، حيث نشرت جريدة عربية حديثا معه على صفحتين جاء في عنوانه خطأ مطبعي، حيث ظهر العنوان كالتالي «الرئيس المدمن يتضاءل بالبيض المحلي» والصحيح «الرئيس المؤمن يتفاءل بالبيض المحلي». وكان السادات يحب أن يلقب بالرئيس المؤمن، خطأ آخر حدث مع السادات حيث تداخل خبران أحدهما من صفحة الأدب والآخر من صفحة السياسة، فظهر الخبر كالتالي «أصدر الرئيس العاشق الولهان قرارا بـ ...»

8 - وكان لرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر نصيب من الأخطاء لكن أشهرها هو الذي نشرته جريدة الأخبار في ابريل 1960 حين كانت مصر تتحدث عن أحد السفاحين واسمه محمود أمين سليمان، وكان يغتال الأثرياء، وكانت الصحف تنشر أخبارا عنه بانتظام، لدرجة أن الرئيس عبد الناصر نفسه كان مهتما بتفاصيل قضيته والقبض عليه، وحدث أن سافر عبد الناصر إلى باكستان في إحدى زياراته، ويروى أنه قال لزكريا محيي الدين وهو على سلم الطائرة «أرجو أن أعود وقد قبضتم على هذا السفاح»، وبالفعل قتل السفاح عقب سفر عبد الناصر، لكن جريدة الأخبار نشرت عنوان الخبرين في الصفحة الأولى أسفل بعضهما بنفس الوقت، ما أعطى انطباعا أنهما خبر واحد «مصرع السفاح عبد الناصر في باكستان» وهما عنوانان لكن نشرا على أنهما عنوان واحد. وتسبب الخطأ في حدوث أزمة كبيرة .

وهذه وغيرها من الأخطاء غير المقصودة أنما تنم عن طبيعة البشر الخطأ وأحياناً عن شدة وإرهاق العاملين وعدم المراجعة من قبل المحررين والمدققين ، ولكن أخذت هذه الأخطاء شهرة قد فقدتها أن كتبت بشكلها الصحيحة  ....

إرسال تعليق

 
Top