لا ينتظرون شيئاً، فقدوا الأمل بالجميع، يقفون بانتظار رحمة الله، المطر، فبعد حصار قاس فرضته القوات الحكومية وتنظيم "الدولة" عقب مواجهات عنيفة بين الطرفين للسيطرة على المنطقة القريبة من قاعدة عين الأسد العسكرية، التي تضم مستشارين ومدربين أمريكيين، يعيش نحو 1200 عائلة عراقية وضعاً مأساوياً، فمن الموت بالرصاص إلى الموت جوعاً، الجميع بناحية البغدادي مهدد.
أهالي الناحية وجدوا أنفسهم بين نارين؛ فالقوات الحكومية تقصفها بحجة وجود عناصر تنظيم "الدولة"، والتنظيم يقصفها بحجة وجود قوات حكومية، في وقت يؤكد فيه أهالي المنطقة أنه لا يوجد فيها سوى الشرطة المحلية التي لاحول لها ولا قوة، فلا هي قادرة على قتال التنظيم، ولا القوات الحكومية ترسل لها تعزيزات تمكنها من خوض القتال لفك الحصار عن الأهالي، كما تمنع تلك القوات خروج أي مدني من المدينة، يرافق ذلك انتشار كثيف لقناصة التنظيم.
تسجيل صوتي لمدير شرطة ناحية البغدادي، المقدم قاسم العبيدي، وصل إلى "الخليج أونلاين"، أظهر حالة الارتباك الواضحة التي تسود المنطقة، حيث بدا العبيدي فاقداً لأعصابه، مؤكداً أن "القيادات الأمنية تكذب في الإعلام، ونحن محاصرون ولم تصلنا الإمدادات حتّى الآن".
وأضاف المقدم، وهو يصرخ بصوت عالٍ: إن "1200 أسرة محاصرة في الناحية، والنيران تبعد عنها بضعة أمتار"، لافتاً إلى أن "القادة الأمنيين لم يتخذوا أي إجراء".
وقال العبيدي: إن "هناك وفيات بين المدنيين بسبب نقص الطعام والماء"، مؤكداً أنه "تم دفن العديد من الموتى في حدائق المنازل بعد أن تقطعت بهم السبل".
ووجه العبيدي، الذي اتهم القيادات الأمنية بـ"الكذب"، نداء استغاثة إلى "المرجعية الدينية ودول الخليج من أجل إنزال مواد غذائية وطبيّة" على الناحية، مستدركاً بالقول: إن "لدينا جرحى على وشك الموت ولا نستطيع علاجهم".
وأكد أن "ثلاثة من أصل سبعة جرحى توفوا نتيجة عدم وجود العلاج".
من ناحيته، أكد صباح كرحوت، رئيس مجلس محافظة الأنبار، أن "الحالة الإنسانية في البغدادي سيئة جداً".
وقال كرحوت، في تصريح صحفي: إن "الناحية ما تزال محاصرة وليس فيها ماء منذ خمسة أيام، وبات السكان يملؤون العبوات الفارغة من مياه الأمطار الشحيحة".
وفي اتصال هاتفي لـ"الخليج أونلاين" مع أحد أهالي المنطقة، قال: إن "العشرات من المدنيين ما يزالون عالقين في البغدادي بعد خمسة أيام من القتال المتواصل بين التنظيم والقوات الحكومية".
وأوضح إبراهيم الحديثي، أن "المنطقة تعيش اليوم على مياه الأمطار التي نزلت الاثنين، حيث انقطعت مياه الشرب منذ يومين، كما انقطعت الكهرباء، ولم يعد بمقدور الأهالي سحب مياه الآبار التي كانوا يعتمدون عليها"، موضحاً أن "هناك حالات صحية صعبة، وأن استمرار الأوضاع سيؤدي إلى مزيد من الوفيات، مطالباً القيادات الحكومية والأمنية بالإسراع لإنقاذ المواطنين، واستغرب في الوقت ذاته، من عدم قيام القوات العسكرية في قاعدة عين الأسد القريبة من البغدادي بأي تحرك لفك الحصار عنهم".
يذكر أن تنظيم "الدولة" يسعى لدخول قاعدة عين الأسد القريبة من البغدادي منذ عدة أيام، حيث نفذ التنظيم هجمات متكررة على القاعدة، ونجح في اختراق تحصينات دفاعية للقوات الحكومية، الأمر الذي اضطر القوات الأمريكية الموجودة في القاعدة، التي يتجاوز عددها 300 مقاتل، إلى التدخل من خلال طائرات الأباتشي.
إرسال تعليق