0

عكس أسماء المواليد الجدد من الإيزيديين العراقيين الظروف الصعبة التي عاصرها أهاليهم مع اجتياح تنظيم «الدولة الإسلامية» الارهابي للمناطق التي كانوا يقطنونها، وخاصة في قضاء سنجار شمالي البلاد، ما اضطرهم إلى النزوح منها إلى إقليم شمال العراق.
ولعل أبرز تلك الأسماء، وهي بالكردية اللغة الأم للإيزيديين، «بيوار» (بلا وطن)، كانيوار (ابن الوطن)، آوار (نازح)، ورفاندن (هروب أو فرار)، وشنكال (سنجار)، فرمان (قرارـ حملة إبادة في المفهوم الإيزيدي).
كما حمل العشرات من المواليد اسم فيان، تيمناً بالنائبة الإيزيدية، فيان دخيل، التي ساهمت في إيصال صوت ومعاناة الأقلية الإيزيدية إلى الرأي العام العالمي. 
وجميع تلك الأسماء تعكس ما مر به الإيزيديون من عمليات قتل وسبي وتهجير وغيرها على يد التنظيم الذي اجتاح، في الثالث من أغسطس/ أب الماضي، قضاء سنجار (124 كلم غرب الموصل)، حيث كانت تقطن أغلبية من الكرد الإيزيديين.
وبعدها تمكنت قوات البيشمركة الكردية (جيش إقليم شمال العراق)، معززة بغطاء جوي من تحالف غربي – عربي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، من تحرير الجزء الشمالي من سنجار، وفك الحصار عن الآلاف من العائلات والمقاتلين الذين حاصرهم التنظيم في جبال سنجار منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ويقول سيدو جتو شنكالي، النائب الإيزيدي في مجلس محافظة نينوى شمال العراق: «ما حصل للإيزيديين من كارثة لم يكن سهلا، وأثر على مختلف مفاصل الحياة في المجتمع الإيزيدي، وبينها عملية اختيار أسماء المواليد الجدد».
وتتحدث تقارير صحافية ونشطاء إيزيديون عن ارتكاب «داعش» جرائم بشعة من قتل وخطف للآلاف من المدنيين الإيزيديين بعد سيطرة التنظيم ومهاجمته للمناطق التي يقطنونها، ولاسيما في محافظة نينوى.
وأضاف شنكالي، في تصريحات لوكالة الأناضول: «بشكل شبه يومي نسمع قصصا عن مآس حلت بهذه العائلة أو تلك أثناء اجتياح تنظيم داعش الإرهابي لمناطقنا، ومن المحتمل جدا أن يعمد أفراد من تلك العائلات إلى أرشفة أو توثيق تلك المحن بكافة السبل، وبينها إطلاق أسماء على المواليد الجدد تعكس مآسي الأهل».
والإيزيديون هم مجموعة دينية يعيش أغلب أفرادها قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار بالعراق، ويقدر عددهم بنحو 600 ألف نسمة (من أصل حوالى 32.5 مليون نسمة)، وتعيش مجموعات أصغر في تركيا، سوريا، إيران، جورجيا، أرمينيا. 
والديانة الإيزيدية من الديانات الكردية القديمة، وتتلى جميع نصوصها في مناسباتهم وطقوسهم الدينية باللغة الكردية، وفقا لباحثين تاريخيين.
بدورها قالت النائبة الإيزيدية، فيان دخيل، إن «أسماء المواليد الجدد تعكس البيئة والحالة الاجتماعية لأي مجتمع كان… والمجتمع الإيزيدي لا يختلف في ذلك عن باقي المجتمعات».
ومضت قائلة : «في مطلع السبعينيات من القرن الماضي كان العراق ينعم بوضع اقتصادي مزدهر، وكانت أسماء المواليد الجدد حينها تؤشر على ذلك، بل وثقته، وفي الثمانينيات من القرن نفسه كان للحرب العراقية – الإيرانية (1980 ـ 1988) وقعها على أسماء المواليد الجدد، أما في التسعينيات، فكان للمد الديني تأثيره على الأسماء بعدما أطلق النظام العراقي السابق ما أسماها بالحملة الإيمانية».
وفيما لم تقدم أي أمثلة على الأسماء في الحقب الزمنية التي ذكرتها، رأت دخيل أن «إطلاق الإيزيديين أسماء توثق معاناتهم وأوجاعهم أمر عادي وطبيعي، بل لا بد منه».
وحول إطلاق اسمها «فيان» (يعني بالعربية حب أو محبة) على العشرات من المواليد الجدد، قالت إن هذا الأمر «يضاعف من مسؤولياتها تجاه المجتمع الإيزيدي ويحثها على مضاعفة جهودها لتقديم ما يمكن تقديمه إليهم.. ولا أخفيكم أنني أشعر بالسرور وبشيء من الارتياح حيال ذلك».
ومن بين الإيزيديين الذي أطلقوا على مواليد جدد أسماء تجسد المعاناة، الصحافي ازاد درويش، من أهالي بلدة بحزاني ضمن ناحية بعشيقة (17 كلم شمال شرق مدينة الموصل)، وهو نازح في محافظة دهوك بإقليم شمال العراق.
درويش قال للأناضول: «أثناء نزوحنا من بلدتنا كان لي طفلان، هما آلان و يامن، وبعد بضعة أشهر رزقنا الله بطفلة، وأريد تسميتها باسم بحزاني، اعتزازا مني ببلدتي وتعبيرا عن اشتياقي إليها».
واستدرك بقوله: «هناك من يعترض على الاسم من الأصدقاء والمقربين، ولم أحسم أمري بعد».
وتابع بقوله: «لو لم ننزح عن بحزاني لما فكرت في محاولة إطلاق هذا الاسم على وليدتي الصغيرة، لكن الظروف المحيطة بالإنسان تجعله يتخذ مواقف وقرارات تناسب الواقع الفعلي من حزن أو ألم أو غربة أو فرح، وغيرها».
وإجمالا، يعم الاضطراب مناطق شمالي وغربي العراق بعد استيلاء تنظيم «الدولة الإسلامية» ومسلحون سنة متحالفون معه، على أجزاء واسعة من محافظة نينوى (شمال) في العاشر من حزيران/ يونيو الماضي، بعد انسحاب قوات الجيش العراقي منها بدون مقاومة تاركين كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد.
وهو ما تكرر في مدن بمحافظة صلاح الدين (شمال) ومدينة كركوك بمحافظة كركوك (شمال)، وقبلها بأشهر مدن الأنبار غربي العراق، قبل أن تتمكن القوات العراقية، تحت غطاء جوي من طائرات التحالف، من طرد المسلحين واستعادة السيطرة على عدد من المدن والبلدات.

إرسال تعليق

 
Top