أثار التدخل العسكري المصري في ليبيا، الذي اعتبره المؤتمر الوطني الليبي بأنه "اعتداء على السيادة الليبية"، القلق على حياة أكثر من مليون مواطن مصري موجودين داخل الأراضي الليبية من أجل العمل، لا سيما بعد أن أعدم تنظيم "الدولة" واحداً وعشرين منهم، بحسب شريط مصور بثه التنظيم، أمس الأحد، في عملية هزت الشارع المصري.
ففي الوقت الذي أكدت فيه مصادر عسكرية مصرية أن الرد المصري سيكون عنيفاً ضد تنظيم "الدولة" عقب إعدام هؤلاء المصريين ذبحاً، لم تتوقع أن يكون بمثل هذه السرعة، خصوصاً أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تصريحه، الذي توعد فيه التنظيم، طالب المصريين في ليبيا بالعودة إلى مصر، كما أصدر قراراً بمنع سفر المصريين إلى ليبيا.
وأضافت المصادر، التي تحدثت لـ "الخليج أونلاين" وفضلت عدم الإشارة إلى اسمها، أن الإعلان الواضح للرئيس عبد الفتاح السيسي، فيما يتعلق بالرعايا المصريين في ليبيا، أعطى رسالة شبه مؤكدة أن تنفيذ العمل العسكري ضد تنظيم "الدولة" مرهون بعودة أكبر عدد من هؤلاء المصريين، إلا أن الواقع على الأرض كان رداً سريعاً، لم يسعف أياً من المصريين هناك بالعودة إلى وطنه، ما يجعلهم مهددين من قبل التنظيم، الذي قد يلجأ إلى الانتقام عبر اعتقال آخرين وإعدامهم.
لكن اللواء محمد علي بلال، قائد القوات المصرية في حرب الخليج في حينه، قلَّل، في تصريحات لـ "الخليج أونلاين"، من احتمال تعرض المصريين في ليبيا لخطر حقيقي، معتبراً أن المصريين يعملون في مناطق متفرقة في ليبيا.
وأضاف بلال أن العمال المصريين في ليبيا حياتهم غير معرضة لخطر حقيقي، خصوصاً أنهم يعملون في مناطق قبلية وبعيدة عن المناطق التي فيها تنظيم "الدولة"، لكنه في الوقت ذاته أكد وجود مصريين يعملون مع الجيش المصري على الأرض، مدللاً على ذلك بـ "دقة الضربات الجوية التي نفذها الطيران الحربي المصري ضد أهداف داعش".
وتعبيراً عن القلق المتبادل؛ ففي حين ندد المؤتمر الوطني الليبي العام بالغارات المصرية واعتبرها اعتداءً على السيادة الليبية، لا سيما أن هناك أطفالاً ومدنيين من بين ضحايا الغارات المصرية، حمّل المؤتمر السلطات المصرية المسؤولية عن حياة المواطنين المصريين الموجودين في الأراضي الليبية من أي عمليات انتقام قد تقع بحقهم، لا سيما أن عددهم بمئات الآلاف.
أما ما يتعلق بعدد المصريين الموجودين في الأراضي الليبية؛ فلا توجد مصادر رسمية تؤكد عددهم على وجه التحديد، إلا أن معظم التقديرات المصرية والليبية تشير إلى أن عدد العاملين يتراوح بين مليون ومليون ونصف المليون مصري، يعملون في مهن وحرف مختلفة.
ويرى محللون أن التدخل العسكري المصري في ليبيا قد يعقد الأمور، ويولد الكثير من الأزمات، في ظل حالة الاحتقان الليبي ضد هذه الضربات الجوية، خصوصاً أنه يُخشى أن يكون الرد على هذه الغارات بالانتقام من العمال المصريين، ليس من قبل تنظيم "الدولة" فحسب، بل من قبل أطراف أخرى ترى في الغارات المصرية "عدواناً على ليبيا".
إرسال تعليق