0
أكدت صحيفة بريطانية مرموقة، اليوم الثلاثاء، أن الأوضاع الحياتية والعامة في الموصل "تدهورت كثيراً" في ظل سيطرة (داعش) عليها، وفي حين بينت أن الأهالي يعتبرون أن حكم التنظيم "لا يقل قمعاً" عما عانوه من جراء "السياسات الطائفية" لرئيس الحكومة السابق نوري المالكي، أكدت أن الموصلين باتوا "متلهفين جداً وسعداء" لقدوم أي شخص يخلصهم من "داعش ويحررهم من بطشه"، حتى لو كان الجيش العراقي الذي "يبغضونهم".
جاء ذلك في موضوع نشرته صحيفة الغارديان The Gardian البريطانية، استناداً إلى سلسلة لقاءات أجرتها مع أهالي الموصل، واطلعت عليه (المدى برس).
فقد رسمت الصحيفة صورة "قاتمة" للحياة التي يعيشها أهالي الموصل تحت حكم (داعش)، إذ أفصحوا عن "امتعاضهم المتزايد تجاه المسلحين الذين اجتاحوا مدينتهم قبل قرابة خمسة أشهر، حيث توقف عمل معظم المؤسسات العامة وانعدمت الخدمات، وأصاب الشلل أغلب أنشطة القطاع الخاص، مع توقف المشاريع الإنشائية الممولة من الدولة في المدينة، الأمر الذي حول الآلاف من العمال إلى عاطلين".
وقالت الغارديان، إن "تنظيم داعش الذي حقق خلال الأشهر الأخيرة، بعض التقدم العسكري وتمكنه من احتلال مساحة واسعة من أراضي العراق وسوريا، وتقدمه في محافظة الأنبار ومحاصرته لمدينة كوباني، وسعيه من خلال إعلانه دولة الخلافة، أن يظهر نفسه بأي شكل من الأشكال، على أنه يستطيع أيضاً إدارة حكومة".
وذكرت الصحيفة، أن "تنظيم داعش أقر في مقال كتبه في مجلته التي تصدر باللغة الانكليزية دابق، أنه لا يمكن تأسيس دولة ما لم ترعى احتياجات المسلمين الدينية والدنيوية"، مشيراً إلى أنه "يراعي احتياجات المدنيين في المناطق التي تقع تحت سيطرته".
وقام التنظيم، بحسب الصحيفة البريطانية، بتضمين مجلته (دابق) "مجموعة صور فوتوغرافية عن دار للعجزة يديره ومنظفي الشوارع وطبيب يعالج طفل في مستوصف لأمراض السرطان".
ونقلت الغارديان، عن سكان موصلين قولهم إن "الواقع بعيداً جداً عما يصوره داعش"، مؤكدين أن "السكان المحليين يفتقرون إلى مستلزمات موسم الشتاء، وأغلبهم أنفق مدخراته ولم يعد لديه أي دخل، وأن أسعار المواد الغذائية الرئيسة قد ارتفعت بنحو حاد، والقمامة تملأ الشوارع".
وقال عامل البناء الموصلي زياد، (34 سنة)، كما نقلت الصحيفة، إنه "يقضي معظم وقته في البيت وسط قلقه على مستقبل عائلته"، شاكياً من "عدم توافر أي فرص عمل، وإذا توافرت فإن الأجرة التي يتلقاها قليلة جداً".
وأوضحت The Gardian، أن "الأطفال يعانون أيضاً كما أن الكثير من الطلبة في الموصل يعانون من عدم تمكنهم من اجتياز الامتحانات النهائية للعام 2014 الحالي، في ظل سيطرة داعش على المدينة"، لافتة إلى أن "إحصائيات وزارة التربية تظهر أن غالبية الطلاب لن يتمكنوا من دخول الامتحانات في الموصل، إذ تمكنت 13 طالبة فقط من مجموع 118، في إحدى المدارس الاعدادية، من دخول الامتحان، وإن ثلاثاً منهن فقط اجتازوه بنجاح".
وتابعت الصحيفة، أنه عندما "سيطر داعش على الموصل في حزيران الماضي، فإن الكثير من أبنائها فرحوا بالتخلص من السياسات الطائفية لرئيس الحكومة حينها، نوري المالكي، ضدهم على يد الجيش والشرطة اللذان انسحبا من المدينة"، وتستدرك "لكنهم وصلوا الآن إلى الاستنتاج بأن حكم داعش ليس أقل قمعاً إن لم يكن أسوأ مما عانوه سابقاً".
ونقلت الغارديان، عن شخص يدعى دارا، غادر الموصل قبل شهرين، ويعيش الآن في السليمانية، شمالي العراق، قوله، إنه على "اتصال مستمر مع الأقارب والأصدقاء في الموصل"، مبيناً أن "أهالي الموصل أصبحوا فقراء جداً وإنهم متلهفين جداً وسعداء لقدوم أي شخص ليخلصهم من داعش ويحررهم من بطشه، بل ويفضلون رجوع عناصر الجيش العراقي الذين يبغضونهم إلى الموصل مرة أخرى".
وذكرت الصحيفة، أن "حالة من الاضطهاد والترويع قد عمت أهالي الموصل خلال الأشهر الأخيرة حيث نفذ داعش عمليات إعدام علنية من قطع رؤوس ورمي بإطلاقات نارية لأشخاص يعتبرهم التنظيم خطراً بضمنهم أطباء وأعضاء برلمان ومواطنين عاديين".
وقال الصحيفة البريطانية، إنه "حتى رجال الدين في الموصل أعربوا عن رفضهم لتصرفات داعش، وإنهم رفضوا مبايعة الخليفة أبو بكر البغدادي"، وأضافت أن "قرابة 33 إمام جامع من الذين رفضوا إبداء الولاء للبغدادي، قد منعوا من أداء عملهم، وإن ستة منهم قيد الاعتقال مما أخل بمصداقية داعش لدى أهالي الموصل".
ورأت The Gardian، أن "تنامي امتعاض أهالي الموصل أدى لأن يواجه داعش أيضاً تهديداً عسكرياً يتمثل بالغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة"، مبينة أنه "خلال الصيف الفائت قصفت الطائرات العراقية مواقع داعش العسكرية حيث لجأ كثيرا منهم إلى المناطق السكنية، حيث يقول الأهالي إن الغارات الجوية أصبحت بالنسبة لهم واقعاً يتعايشون معه يومياً".
يذكر أن تنظيم (داعش) قد فرض سيطرته على مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى،(405 كم شمال العاصمة بغداد)، في (العاشر من حزيران 2014)، وقام بارتكاب "فضائع" فيها عدتها جهات محلية ودولية "جرائم ضد الإنسانية"، منها تهجير الأقليات ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم، وقتل الكثيرين من الأهالي، فضلاً عن تدمير الكثير من المواقع الحضارية والدينية، بعضها مقامات أو مراقد لأنبياء.

إرسال تعليق

 
Top