0
 
برهنت الأحدات الأخيرة التي عاشها الأردنيون في الأيام الماضية، أن الأزمات بمختلف أشكالها السياسية والاجتماعية وغيرها، تحمل في طياتها عنصرا كبيرا من الإشاعة، الأمر الذي تصحبه عادة حالة من الإرباك.
ولعل أبرز مثال على ذلك ما طال قضية استشهاد الطيار معاذ الكساسبة من إشاعات كثيرة، وذلك على الرغم من حالة الحزن الذي سادت البيوت الأردنية على فقدان شهيدهم، ولم تسلم الظروف المحيطة بهذه الحادثة من كثير من التأويلات والإشاعات المغلوطة.
وتركزت هذه الإشاعات بقوة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وكان آخرها نهاية الأسبوع الماضي، نشر إشاعة تفيد بمشاركة الملك عبد الله الثاني بغارة جوية لضرب "داعش"، ما اضطر الجانب الرسمي، من خلال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني إلى نفي هذه الإشاعة، والتأكيد أنها عارية من الصحة.
ومن وجهة نظر الأخصائي النفسي الدكتور محمد الحباشنة، فإنه كلما زادت أهمية الحادثة وغموضها كثرت الإشاعة حولها.
واستشهد الحباشنة بقضية الشهيد الكساسبة، مؤكدا أن ما رافقها من عنصر الأهمية كان كبيرا بالنسبة للأردنيين، كما تحقق عامل الغموض في هذه القضية، خصوصا ونحن نتحدث عن تنظيم غامض يدعى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
ويتابع الحباشنة "إضافة إلى غياب عنصر الشفافية من الجانب الرسمي، ما زاد الأمر غموضا، فأصبح الناس يتلقفون المعلومات من كل جانب"، لافتا إلى "أن غموض تبعات ما سيحدث هو الأكثر خطورة، ومن الطبيعي أن تحضر الإشاعات بقوة في هكذا حالات".
وحس الاشاعة، بحسب الحباشنة، يبرز ترجمة لمشاعر الأمل والخوف، فالإشاعة التي تداعب أمل الشخص يصدقها عاطفيا حتى وإن لم يصدقها ذهنيا، ويصر على نشرها وتداولها حتى يثبت صحتها بينه وبين نفسه.
ويضيف "للأسف في هذه الظروف المجتمع مليء بالأمل والمخاوف المشروعة، لذا يلجأ أفراده إلى الإشاعة لتخفيف الضغط الذاتي".
وبحسب الخبير الإعلامي الدكتور تيسير المشارقة، فإن الإشاعات تكثر في أوقات الأزمات والظروف الصعبة، وذلك بسبب قلة المعلومات، وتعدد مصادرها.
ويضيف "الإشاعة هي معلومة ناقصة تتدحرج ككرة الثلج، وربما تصل إلى مرسلها مختلفة ومشوّهة"، مشيرا إلى "أننا نلجأ إلى أسلوب البحث المجازف عن المعلومات، عندما نحتاج إلى معلومات كافية في زمن محدد، وهذا يوقعنا في أخطاء النقل والتأويل والتفسير".
ويدعو المهتمين بالحصول على معلومات محددة، "للتأكد من المعلومة من ثلاثة مصادر، أو الوصول للمعلومات الصحيحة والثابتة والدقيقة من مصادرها الواضحة والأصلية والأصيلة".
إلى ذلك، عبر مواطنون عبر صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم لما تنشره بعض المواقع الإلكترونية وصفحات إخبارية على "فيسبوك" من أخبار مغلوطة وإشاعات.
وأكدوا أن الاشاعات في الظروف الصعبة، خصوصا في مثل ما نعيشه حاليا، تخلق حالة من الإرباك والتشتت في صفوف المواطنين.
وبحسب المواطنة رشا الشروف، فإن الإشاعات تبعد الناس عن لب الموضوع وتشتت الفكر، مرجحة أنها تصدر عن سلوك فردي من بعض الأشخاص، الذين يسعون إلى حرف البوصلة، عن الهدف الأساسي للقضية، والحد من حالة التكاتف والالتفاف الشعبي حولها.
وهو ما تتفق معه المواطنة نسرين جرادات، التي تؤكد أن ما صدر من إشاعات خلال الأيام الماضية "زاد من حالة الإرباك النفسي التي يعيشها الأردنيون"، داعية الى ضرورة التأكد من صحة ما ينشر من إشاعات وأخبار، قبل نشرها على صفحات التواصل الاجتماعي، فيما شددت على أن الإشاعات تضر بقضايانا الوطنية. ــ الغد

إرسال تعليق

 
Top