0

بقلم الكاتبة / أنعام عطيوي

بعد سماعي لانتقادات رواية تسببت في هجرة صاحبها من البلد بسبب حلول نقمة الدين والمجتمع عليه والتي تمثلت بثورة الغضب من الطبقة المُذعنة للأعراف الاجتماعية المتأصلة في جوهر الروح للإنسان الشرق أوسطي وخاصة في العراق الذي تباينت فيه الديانات واختلفت فيه الثقافات فكان هناك من يهجي هذه الرواية اكاديميا” وآخر يتطرق لها بالفاظ موجعة على صاحبها وقلمه والذي اختفى بعد كتابتها وتعرض منزله للحرق نتيجة تضمينه الرواية لشيئ من وحي جنونه اللاهوتي وعبث خيالاته وهو الكاتب (سلام جبار عطية) الذي كان عبدا” لخطيئته في الكتابة فتحولت كل الأنظار والاتهامات إلى نوع جديد من ثقافة التبشير المسيحي عبر كتابة الروايات الغير مقيد اخلاقيا” والمبطنة بحلاوة الألفاظ لعاشق التعري والولوج لعالم الخطيئة عبر كتابات كانت هي الأقرب إلى المرفوضة من المجتمع الملتزم والذي يعتبر مثل هذا الاسلوب في الكتابة خطرا” عقائديا” على عوام الناس الغير محصنين عقائديا لمخافة وخشية إتباعها والتاثر بمضامينها الايحائية والصريحة ولو قرأها الملتزم لاعتبرها تبشير لديانة اخرى على حساب الدين الإسلامي ولو قرأها المحايد يجد انه عبر روايته كان يصف واقع الرذيلة الذي يصل إليه المجتمع الإسلامي في ظل أجواء وسائل الاتصال الالكترونية الجديدة وبُعد الشاب المسلم عن روح التدين الحقيقي والالتزام بغلاف الدين وكان ينوي إيصال فكرة إن الأخلاق والضمير هي أساس التعامل مع البشر قبل الاعتماد على أساس الدين والمذهب ولا يوجد انسان من درجة اولى واخر من ثانية بسبب الارتباط الديني وهذا فعلا ما يدور حوله الكاتب وما تدور حوله احداث العنف في البلد البديل لاحداث الرواية وهو العراق المرتبط بطوفان عام 2003اشير هنا الى غرابة إختفاء اغلب المقالات النقدية لرواية (العارية) للكاتب سلام جبار عطية حتى من الانترنت وكذلك شحّت الفصول التي اوردت الرواية او تلك التي نُقلت عنها, وهو امر لا يتناسب مع حجم اللغط الذي أثارته الرواية في الاوساط الدينية قبل الاوساط الادبية والمهتمة بالقصة والرواية.
ورغم إنسيابية القلم الذي يمتلكه عطية وسلاسة مطاردته للفكرة في الحدث الروائي إلاّ انني اتصور بان الكاتب لم يوفق باختياره بطلة لروايته من اب مسلم وام مسيحية’ لانتهاكه النظام الداخلي للاسرة العراقية المغلقة.
وفي المجتمع والمحيط شبه المُغلق الذي يعيشه الكاتب تكون الكتابة مقوًلبة والخروج عن تلك القوالب لايمنح القصة انتشارا من باب (خالف تُعرف) بل يثير جدلا سلبيا عن نيّة الكاتب سلام جبار من طرح جدل ديني في الفصل الثالث من روايته. وميله في كفّة الجدل الى ديانة غير ديانته الشخصية وهي غير ديانة مجتمعه ايضا الذي بات قالبه معروف والخوض في دونه غير مالوف وهو ما يُمكن اعتباره تسويق رخيص للرواية والغاء طابو اجتماعي مُتفق عليه في الاوساط الثقافية ورغم انها قوانين غير مدونة في دستور منصوص لكنها تمتلك من التطبيق ما يفوق تطبيق الدستور وهو امر معروف في كل البلدان العربية والشرقية.
ورغم اتهام المهتمين بالشأن الديني كاتب هذه الرواية بخوضه غمار التبشير, الا انني لاحظت مبداء التسويق في كتابة الرواية، حيث كان الهدف الاول للكاتب عطية رغم تمكنه في خلق صورة روائية وحبكة احداث واستخدام لغة روائية عالية الصنعة لكنه لم ينس دس بعض السجالات الدينية بين ايات قرآنية تجابهها اقوال في الكتاب المقدس وخوضه في غمار وحدانية الله التي تعتبر في مجتمعنا هي مسالة مقضية فلم يعد في العربية من يحتاج الى اثبات وحدانية الخالق.
وعطية بين في كتاباته مدى الفوبيا الدينية التي عانى منها لدرجة انه وظف ايات قرآنية في غير محلها وكرس جهده لتوظيف ايات امام نصوص من الكتاب المقدس في غير محلها لتكون اقرب الى الضعف منه الى الوقوف امام نظرياته التي حاول بكل الطرق اثباتها وهو امر خطير لا يمكن الاستهانة بهِ وفعلا اشيد بامكانيته في القدرة على اقناع القاريء بمضمونه الفكري الذي يطرحه من خلال روايته التي اختار لها عنوانا يجذب اغلبية الشباب المترهل في فكره الديني والذي كان بمثابة عنوان خادش للحياء ويجذب جمهور معين دون غيره.
ورغم عدم تخصصي النقدي في الكتابة الا اني اتبنى الراي الذي يكون بمثابة المرور على جبل الاعراف لمعرفة الخط الفاصل بين الجنة والنار فنحن في بلد تحتكم باعراف قبل ان تحتكم لاديان ومثل هكذا رواية هي ضوء اخضر لكسر هذه المفاهيم الاخلاقية والخوض في اسرار الجسد المحظورة وتعطي حرية الانتقال من دين الى اخر. هذا بالنسبة للقارئ, اما للكتاب فاني اعتبرها كبوة كلفته الكثير من الخسائر كان عليه ان يسخر قلمه المتمكن الى خلق جو اخر للانسجام الديني بين كل الطوائف وهذا ما يحتاجه المجتمع الشرقي خصوصا والعربي عموما في ظل احداث باتت هي الاقرب الى العصف بتاريخ هذا البلد ليقترب هو الاخر من موجه جديدة للضياع في هذا البلد المنهك بابتلاءات الحروب.

إرسال تعليق

 
Top