في نهاية السنة الماضية كان لافتاً تركيز التوقعات الإسرائيلية العسكرية على احتمال ان تحمل سنة 2015 مواجهة عسكرية جديدة مع "حزب الله" رغم الادعاءات الإسرائيلية بأن ليس من مصلحة إسرائيل اليوم الدخول في مواجهة مع "حزب الله" وأنه من الافضل ترك الحزب يغرق في اتون الحرب الاهلية السورية وفي مواجهة المخاطر المحدقة به في لبنان من جانب التنظيمات الجهادية المتشددة.
لكن في الوقت عينه فقد اجمعت جميع هذه التوقعات على ان "حزب الله" في الوقت الراهن يشكل بترسانته الصاروخية التي تشمل اكثر من 100 الف صاروخ يمكنه ان يصل الى اي نقطة في إسرائيل، وبالخبرة القتالية التي اكتسبها من خلال مشاركته في الحرب في سوريا، اهم قوة عسكرية في المنطقة تهدد إسرائيل، بعد تفكك الجيش السوري جراء سنوات الاقتتال الداخلي، وانشغال الجيش المصري بمعالجة مشكلاته الداخلية.
فما الذي دفع بالقيادتين العسكرية والسياسية في إسرائيل اليوم الى تنفيذ هذا الاغتيال الذي يشكل تحدياً كبيراً للحزب واستفزازاً لأمينه العام؟ والى اي حد تشكل حادثة الاغتيال محاولة إسرائيلية لاستدراج الحزب للرد وبالتالي اشعال الحدود مع لبنان؟
في ظل الصمت الإسرائيلي الرسمي عن الاعتراف بالعملية التي تحمل بصمات إسرائيلية لا لبس فيها، تشير تعليقات الصحف الإسرائيلية الى ان القيادتين العسكرية والسياسية في إسرائيل قد درستا جميع الاحتمالات واخذتها في حساباتها قبل تنفيذ الهجوم، من الرد المحدود مروراً بالهجمات على اهداف إسرائيلية في الخارج، وصولاً الى رد شامل ومواجهة عسكرية واسعة النطاق.
ففي راي الباحث في معهد دايان إيال زيسر، يضع الهجوم الاخير السيد حسن نصرالله امام المعضلة عينها التي واجهها بعد اغتيال عماد مغنية قبل 8 سنوات. والسؤال المطروح هل سينجر الحزب الى رد مباشر على الاغتيال أم سيضبط نفسه ويؤجل ذلك حتى تنضج الظروف؟ وهل سيختار رداً محدوداً على جبهة مزارع شبعا؟ أم عملية واسعة ومؤلمة ونوعية ضد اهداف إسرائيلية في الخارج؟ اما المعلق ألون بن ديفيد في صحيفة "معاريف" فراى ان الهجوم يفتح جبهة جديدة مع "حزب الله" في الجولان ويسعى الى توريط إيران أيضاَ اذا صح خبر مقتل ضابط إيراني في الهجوم هو علي طبطبائي الذي يقض مضاجع قادة الجيش الإسرائيلي منذ تعيينه قائداً لـ"قوات التدخل" في الحزب، وهي قوة هجومية موازية لقوات النخبة في حركة"حماس" التي فاجأت إسرائيل في الصيف الماضي في عملية تسلل نوعية عبر الانفاق. أما رون بن يشاي المعلق العسكري في "يديعوت أحرونوت" فاعتبر الهدف من الهجوم احباط الخطط التي كان يعدها الحزب ضد إسرائيل انطلاقاً من هضبة الجولان، واسترجاع إسرائيل قدرتها على ردع الحزب التي تآكلت في الفترة الأخيرة.
لكن عملية الجولان طرحت تساؤلات داخل إسرائيل بشأن صلتها بالمعركة الانتخابية الدائرة وما اذا كان هدفها زيادة التأييد لنتنياهو زعيم الليكود الذي اظهرت الاستطلاعات الاخيرة تراجعه، وهل هجوم الجولان هو مجازفة خطيرة قد تجر نتائج وخيمة على إسرائيل؟ والى اي حد يمكن الاعتماد على عدم رغبة إيران والحزب اليوم في التورط في مواجهة عسكرية واسعة مع إسرائيل وهل ما حدث بداية تصعيد خطر على الحدود مع لبنان سيدفع ثمنه الإسرائيليون كلهم؟
إرسال تعليق